ضاقت الدنيا برجلين وارتحلا من مقر إقامتهما حتى استقرا في بغداد وسمعا بكرم أم جعفر زبيدة العباسية، فجلسا في الطريق الذي تمشي فيه، وعندما اقتربت رفع أحدهما صوته بالدعاء: اللهم ارزقني من فضلك، بينما الآخر قال: اللهم ارزقني من فضل أم جعفر.
وصلت أم جعفر لقصرها ثم أمرت أحد خدامها بأن يعطي من يدعو الله أن يرزقه من فضله درهمين، ومن يدعو الله أن يرزقه من فضل أم جعفر دجاجة مشوية في جوفها عشرة دنانير. وذلك لمدة عشرة أيام.
وصل الخادم وأعطى الأول درهمين فشكر الله وحمده وقال اشكر من أوصل الدرهمين لي. وأعطى الآخر الدجاجة الذي أخذها متذمرا فقد كان يطمع للنقود ولم يقل شيء.
بعد أن ذهب الخادم، قال الأول لا أدري لم لم تحمد الله على النعمة التي وصلت لك.
إنها دجاجة مشوية.
ولكنها تساوي على الأقل نصف دينار.
ولكنك أفضل حال مني
هل تبيعني دجاجتك بدرهمين
وأكون شاكرا لك
حسنا تفضل
ثم أخذ الدجاجة وسمى الله ثم بدأ بتقطيعها لنصفين كي يعطي صاحبه نصفها لكنه تفاجئ بوجود دنانير فأخذها بسرعة بدون أن ينتبه صاحبه فإذا هي عشرة دنانير وضعها في كيسه، ثم التفت لصاحبه وناوله نصف الدجاجة قائلا له لا بد إنك جائع.
ولكنك اشتريتها منك.
إنها خير كثير بالنسبة لي، كما أنني لن أستطيع أن آتناولها كلها وأنت صاحبي.
ابتسم صاحبه وأكل النصف كاملا وذلك لجوعه الشديد.
مر اليوم الثاني وكالعادة من أخذ الدرهمين اشترى الدجاجة من صاحبه الذي ظن أنه الرابح في كل الأحوال فقد امتلك درهمين ونصف دجاجة من صاحبه، ولم يفكر أن يبيع الدجاجة بدرهم واحد فما كان يهمه سوى ربحه.
وبعد عشرة أيام حضرت أم جعفر مع موكبها ونظرت للرجلين وقالت للذي طلب الرزق من فضلها: أما أغناك فضلنا؟
وأي فضل دجاجة أبيعها لصاحبي بدرهمين، ولو أنك أعطيتني بدلا منها دراهم لكان أفضل.
اندهشت ثم نظرت وقالت وأنت يا من طلب فضل ربك بماذا أغناك؟
ابتسم وقال لقد رزقني الله بمائة دينار وخمس دجاجات مشويات. كل يوم عشرة دنانير ونصف دجاجة.
تغير وجه صاحبه وقال له كيف ذلك؟
لقد كنت اشتري منك دجاجة مشوية في جوفها عشرة دنانير بدرهمين.
لقد كنت غبيا؟
لم تكن غبيا ولكنك طلبت الرزق من عند غير الله، بينما أنا طلبت الرزق من عند الرزاق ولم يخيبني.
أم جعفر: سبحان الله هذا طلب من فضلنا فحرمه الله، وذاك طلب من فضل الله فأعطاه الله وأغناه.
ــ اللهم أغننا بفضلك عمن سواك ــ