حال السلف مع العلم أمر عجيب، فالقمم منهم لم يتوقف عن التعلم حتى برغم كِبر سنه، لأنه ببساطة يرى نفسه لم تبلغ الغاية في العلم، ولسان حاله يقول: إن عرفت شيئا … فقد غابت عنك أشياء.
عنوان المقالة شعار ينبغي أن يحمله كل شخص محبا للعلم وهو ليس من بنات أفكاري بل هي مقولة سطرها التاريخ للإمام أحمد بن حنبل، وذلك أن رجلا رأه وهو كبير السن يمشي ومعه محبرة، فقال له: يا أبا عبدالله، قد بلغت هذا المبلغ، وأنت إمام المسلمين، ومعك المحبرة تحملها؟
فقال له: ” مع المَحْبَرَة إلى المَقْبَرَة “
فالإمام أحمد ابن حنبل على الرغم من المَبْلَغ الذي بلغه من العلم، وبرغم أنه إماماً في الفقه والحديث واللغة وعلوم أخرى إلّا أنّه لم يتوقّف عن طلب العلم؛ لأنّه يرى نفسه لم تنل من العلم إلّا نزراً يسيراً، وذلك هو تواضع العلماء.
ونحن الآن في هذا العصر أحوج ما يكون كلا منا بأن لا يتوقف عن طلب العلم، خاصة في مجال تخصصه فالعلوم تتسارع بشكل غير طبيعي والمعرفة تتجدد.
المفارقة العجيبة بأن العلم أصبح ميسرا ويستطيع المرء الحصول عليه وهو في بيته بدون تكبد أعباء السفر والترحال، فهو مبثوث في النت على الشكل الذي يرتاح له أي شخص قراءة أو سماع أو مشاهدة، بالطبع ليس كل ما يريده أيا منا، ولكن نسبة كبيرة منه باللغة الإنجليزية ونسبة بسعر مقدور عليه في دورات تقام مباشرة أو محفوظة.
ما الذي ينقصنا؟
الذي ينقصنا هو الهمة والعزيمة وتفريغ وقتا بسيطا يوميا لكي يطور المرء من نفسه.
فهل يا ترى أنت ممن سيتخذ شعار ” مع المحبرة إلى المقبرة”؟
الأمر راجع لك.