بكل تأكيد كلا منا يريد السعادة، وسأخبركم عن شخص أراد السعادة لولده، فأرسله لحكيم في منطقة بعيدة.
مشى الشاب قرابة الشهر وبعد سفر مجهد ومتعب وصل لقصر الحكيم، وما إن دخل عليه أخبره بمبتغاه.
الحكيم: إذن أنت يا بني تريد السعادة.
ـ نعم
ابتسم الحكيم وقال له الآن أنا مشغول، فما رأيك أن تتجول في أنحاء القصر خلال ساعة ولكن عليك أن تمسك هذه الملعقة بشرط أن تحافظ على الزيت الموجود فيها ـ وأخذ ملعقة وصب فيها قليلا من الزيت ـ
بعد ساعة عاد الشاب ومعه الملعقة بالزيت الذي فيها.
الحكيم: هل رأيت اللوحات المعلقة على الجدران؟
ـ لا.
ـ هل شاهدت المزهريات المحتوية على الورود والأزهار؟
ـ لا.
ـ هل لاحظت الزخارف على السجادة التي على أرضية الممر؟
ـ لا.
ـ لماذا لم تشاهد أو تلاحظ ما سألتك عنه برغم أنها أشياء جميلة ورائعة وتشرح النفس؟
ـ لقد انشغلت بالنظر والاهتمام بالملعقة كي لا ينسكب منها الزيت.
الحكيم: ولو طلبت منك مرة أخرى أن تتجول في أنحاء القصر وأعطيتك الملعقة وفيها الزيت، ماذا ستفعل؟
ـ لن أهتم كثيرا بالملعقة وسأركز على ما ذكرته، وأستمتع بالمناظر الرائعة التي فاتني النظر لها.
ـ والزيت.
ـ سينسكب من الملعقة
ـ لماذا؟
ـ لأني لن أركز على الملعقة وما فيها.
ـ حسنا لو انسكب الزيت على إحدى السجادات باهظة الثمن وأتلفها، أو على الأرضية الرخام فانزلق أحدهم بسبب ذلك وانكسر، أليس عليك تحمّل تكاليف تلك الخسارة؟
ـ هذا صحيح …. إذن ماذا علي أن أفعل؟
الحكيم: توازن بين الأمرين، تستمتع بالحياة ولا تترك الهموم والمشاكل تتفاقم وتؤثر عليك.
ـ لم أفهم!
ـ الجمال الذي في القصر هو النعم التي أنعمها الله علينا في هذه الحياة، وملعقة الزيت هي الهموم الصغيرة ومشاكل الحياة.
عندما تركز على الهموم والمشاكل تنسى الاستمتاع بالنعم والخيرات التي حولك.
وعندما تركز على النعم وتستمتع بها وتهمل المشاكل ستتفاقم ولن تستطيع السيطرة عليها.
ـ نصيحة منك أضعها نصب عيني.
ـ مهما كانت الظروف التي تعيشها عليك أن تكون راضيا مطمئنا.